
إن ما دعا إليه الإعلامي المخضرم حنفي ولد دهاه بخصوص مأمورية ثالثة للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، لم يكن مجرد رأي عابر أو نزوة إعلامية، بل طرح وطني يستحق النقاش والتأمل. لقد جاء هذا الطرح مستنداً إلى قراءة عميقة لتجاربنا السابقة، وتجليات الواقع السياسي الراهن، وحاجتنا الجماعية إلى تأسيس دولة مؤسسات حقيقية.
لقد جربنا في مرحلة 2005 الانتقالية أن نُسرع الخطى ونعلن أننا أسسنا نظاماً ديمقراطياً، لكن سرعان ما كشفت السنوات اللاحقة هشاشة ذلك البناء، لأننا لم نحتكم إلى حوار شامل يضمن مشاركة الجميع ويضع أسساً متينة للمستقبل. واليوم، وبعد عقدين من التجاذبات، أصبح واضحاً أن التعجل في بناء الديمقراطية من دون قاعدة صلبة يقود إلى الانقسام وعدم الاستقرار.
الحوار الوطني هو السبيل الأوحد لتلافي هذه الأخطاء، إذ من شأنه:
جمع الفرقاء السياسيين على طاولة واحدة.
إقرار إصلاحات جذرية تعزز الشفافية وتطلق حرباً شاملة على الفساد.
رسم خارطة انتقالية نحو دولة ديمقراطية قائمة على برلمان حقيقي ومؤسسات قوية.
وهنا يبرز السؤال الجوهري: من المؤتمن على قيادة هذه المرحلة الحساسة حتى نصل جميعاً إلى لحظة نقول فيها إن رئيسنا منتخب بطريقة ديمقراطية صرفة؟
الجواب المنطقي هو أن أفضل شريك لهذه المهمة هو الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي أثبت خلال فترة حكمه أنه رجل تهدئة وبناء، استطاع أن يكسب ثقة الطيف السياسي، ويضمن للبلد قدراً كبيراً من الاستقرار في محيط إقليمي متقلب.
إن الدعوة إلى مأمورية ثالثة للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ليست خروجاً عن النهج الديمقراطي، بقدر ما هي مقترح وطني لإعادة صياغة التعاقد السياسي، بما يضمن الاستقرار ويؤسس لديمقراطية راسخة. فهي رؤية ترى في الرئيس الحالي ضمانة عبور نحو مستقبل تتعزز فيه المؤسسات وتترسخ فيه ثقة المواطن بالدولة.
المصطفى الشيخ محمد فاضل