
لم تكن علاقتنا بأهل فوتا مجرّد صلة عابرة أو تعارف عادي، بل هي جذور ضاربة في عمق التاريخ، تمتدّ إلى زمن الدعوة والعلم والنور.
فجدي الشيخ يبّ المختار، المدفون بمدينة تينتين التابعة لولاية جورب في فوتا، كان رفيق دربٍ وصاحب رسالةٍ مع الشيخ الكبير ممدو كان سنة 1914، حيث اجتمع الاثنان على هدفٍ واحد: نشر تعاليم الإسلام وتعليم الناس الخير في تلك الديار الطيبة.
ومن نسل الشيخ ممدو كان جاء الشيخ التراد كان بالتيكان سالفو كان، وهو الجدّ المباشر لوزير الاقتصاد السابق أوسمان كان، ما يعكس عمق الترابط العلمي والروحي بين العائلتين.
أما جدي الشيخ يبّ المختار ولد الشيخ الخليف ولد الشيخ محمد فاضل بن مامين، فكان فصيحًا في اللغة البولارية، يُبدع فيها شعرًا ونثرًا، وينشر بها الحكمة والمعرفة، حتى غدت الفلانية بالنسبة له ليست لغة فحسب، بل وجدانًا وانتماءً.
ووالدي الشيخ الطالب اخيار، المولود بمدينة كيهيدي سنة 1926، سار على النهج ذاته، فتبحّر في لغة الفلان، وصادق كبارهم، وشاركهم الودّ والوفاء.
وقد قال لي وأنا في الثامنة من عمري كلمة لا تزال ترنّ في أذني:
“يا بني، أتقِن لغة أهلك الفلان، فهم قوم لا يغدرون، يترفعون عن الدنايا، ويحبون آل البيت حبًّا خالصًا.”
لذلك، لا عجب أن أتحدث اليوم البولارية بطلاقة، ولا غرابة أن أحب ثقافة الفلان وأشعر بأنها جزء من كياني؛ فقد وجدت فيهم النبل والكرم، ووجدت فيهم السند في أوقات الشدة.
فمن قال إنني منهم، فما كذب، ومن ظنّ أن بيني وبينهم نسبًا أو روحًا أو محبة، فقد صدق.
المصطفى الشيخ محمد فاضل

